يتعرّض المسيحيون للإضطهاد في كل بلدان الشرق الأوسط من سوريا الى العراق فمصر، وحده لبنان لا يزال بمنأى عن تلك الحروب التي تصيب الشعوب بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص بفضل شفاعة قديسيه والتضرعات الى والدة الإله مريم العذراء التي يخصص شهر أيار من كل عام لتكريمها.
تكريس أيار لمريم لم يكن موجوداً في الكنيسة قبل القرن الثامن عشر، وقد بدأ العمل بهذا التقليد في العام 1833 مع وصول راهب يسوعي من روما الى لبنان، يدعى ريمند استاف، حاملاً معه ايقونة للعذراء وضعها في كنيسة سيدة النجاة في بكفيا، وبدأ يحفّز الناس على تكريم العذراء وقد خصص هذا شهر أيار لها. وهنا يشير الراهب اللبناني الماروني الأب إيلي قرقماز عبر “النشرة” الى أنه “دائماً وخلال السنة هناك أعياد مخصصة لمريم ولكن التركيز عليها في شهر أيار جاء من منطلق هذه اللوحة التي جيء بها من روما”.
وتكريم العذراء بحسب قرقماز يأتي بأشكال مختلفة، وهو إختار أسلوباً مميّزا ومبدعاً للقيام بذلك عبر تصوير مزار سيدة حريصا من الجو، حيث سعى الأب قرقماز الى إظهار ملاحم الطهارة في وجه مريم هي التي يشرف تمثالها على خليج جونيه ليتعدّاه الى كل لبنان فيصحّ القول بأن “لبنان في حماية مريم”.
ويشرح أنه “حاول بهذا العمل مساعدة اللبنانيين والمؤمنين بالنظر الى مريم العذراء بطريقة مختلفة وجذبهم عبر إستعمال ترتيلة يا مريم بصوت فيروز علّهم يتمكنون من الخروج من الصخب الذي يعيشون فيه بحياتهم ويفتشوا عن السلام بداخلهم فيتقرّبوا الى البتول والدة الإله وبالتالي الى الله أكثر فأكثر”، ويشير الى أن “الأم هي رمز الدفء والأمان والسلام والعذراء مريم هي أمنا التي حملت يسوع في احشائها ومعها سنشعر طبعاً بالسلام الحقيقي”.
والتصوير هواية يمارسها الأب قرقماز، هو الذي يرى أن الرسالة تصل أقوى عبر الصورة المرئية من الأمور المكتوبة وقد نفّذ عدّة أعمال وتصوير للعذراء من الجو واحدة منها إضافة الى تصوير مراكز دينية من أديار الرهبنة المارونية أو غيرها. وهنا يشير الى أن “الهدف من كلّ هذه الأعمال هو تعريف اللبنانيين على تاريخ وتراث تلك الأماكن فيرى اللبنانيون في العالم الوجه الآخر للبنان ولا يعودوا ينظرون فقط الى الحروب والفقر وغيرها التي اجتاحت هذا البلد”.
شهر أيار هو شهر الورد، الجمال، الحياة والتجدد فكما تملأ الورود في الدنيا عطراً وجمالا كذلك مريم يفوح منها عطر قداستها في العالم، ولا يبقى على اللبنانيين في هذا الشهر سوى أن يرفعوا الصلوات ويتضرعوا الى أم يسوع لتحمي لبنان وتقي شعبه من كل شر وتثبّت المسيحيين في أرضهم!
بسكال ابو نادر – النشرة