ميراي زغيب – إيماننا
إنَّ قانون العمل هو الَّذي ينظِّم العمل التابع في القطاع الخاصّ، وليس في القطاع العام. إذاً، إنّ قانون العمل يحكم العمل التابع وليس العمل المستقلّ. فينتج عن ذلك علاقة تبعيَّةٍ بين ربِّ العمل والأجير.
ولعلّ أهمّ ميزةٍ لقانون العمل هي طابعه الإلزاميّ، أي لا يحقّ للمتعاقدين (ربّ العمل والأجير) إستبعاد أحكامه، حتّى ولو برضاهم المتبادل. ويشكِّل هذا الأمر إستثناءً مهمًّا لمبدأ حرِّيَّة التَّعاقُد الَّتي يقوم عليها النِّظام اللّبنانيّ.
كما يهدف قانون العمل إلى حماية الأجير والدِّفاع عن مصالحه. فمهمّة قانون العمل الرئيسيّة هي حماية الأجير، إذ يُعتَبَر الفريق الأضعف في عقد العمل. أمَّا النِّزاعات الناشئة عن عقد العمل، فتدخل من ضمن الاختصاص الحصريّ والإلزاميّ لمجلس العمل التَّحكيميّ، دون سواه من المجالس والمحاكم.
وعليه، يمكننا تعريف عقد العمل، حسب المادّة 624 موجبات وعقود، على أنّه “عقدٌ يلتزم بمقتضاه أحد المتعاقدين أنْ يجعل عمله رهين خدمة الفريق الآخر وتحت إدارته، مقابل أجرٍ يلتزم هذا الفريق أداءه له”. من هنا، يعترف قانون العمل للأجير بعدّة حقوق ومكتسبات.
فما هي الحقوق العائدة للأجير والنابعة من قانون العمل؟
نتطرق، هنا، إلى أبرز هذه الحقوق في شرحٍ مفصَّلٍ ومعمق. لعلّ الحقّ الأبرز للأجير، لقاء عمله، يتمثّل بالأجر، إذ يشكِّل الأجر عنصرًا أساسيًّا في العلاقة التَّعاقُديَّة، وعامل الاستقرار الأوَّل للأجير الَّذي لا يمكنه متابعة العمل بدونه. لا يستحقّ الأجرُ إلَّا لقاء عملٍ يؤدِّيه الأجير لرَبِّ عمله. وعند ذلك، يتوجَّب على رَبِّ العمل تسديدَ الأجر في الوقت المتَّفَقِ عليه في عقد العمل. كما لا يحرم الأجير من الدَّخْل في حال توقُّفه عن العمل، وذلك عندما يكون التوقُّف ناجمًا عن ظروفٍ خاصَّةٍ كالقوَّة القاهرة مثلًا … أو معزوًّا إلى خطإٍ غير صادرٍ عنه. ولا بدّ من التنويه بأن الحدَّ الأدنى للأجور، بحسب التعديل الأخير، هو 675 ألف ليرة لبنانيّة. كما أنّ الحدَّ الأعلى للعمل في الأسبوع، بحسب المادّة 31 من قانون العمل، هو 48 ساعة، وفي حال العمل الإضافيّ يحق للأجير 50% زيادة عن أجر الساعات العاديَّة، وذلك فقط ضمن الأحوال الاضطراريّة. واستنادًا إلى المادّة 39 من قانون العمل، “لكلِّ أجيرٍ الحقّ في إجازةٍ سنويّةٍ خمسة عشر يومًا بأجرٍ كاملٍ شرط أنْ يكون مستَخدَمًا في المؤسَّسة منذ سنة على الأقلّ على أن يختار رَبُّ العمل تاريخ الإجازات بما يتناسب مع مقتضيات الخدْمة …”. ويضاف إلى ذلك بَدَلُ النقْل الَّذي خَصَّص له المشترعُ نصوصًا خاصَّةً به، في مراسيم متتالية، مُحدِّدًا فيها بَدَلَ النَّقْل الَّذي يجب على ربّ العمل تسديده للأجير في معرض قيامه بعمله؛ وبحسب التعديل الأخير يُعطى الأجير 8000 ل.ل. كبدل نقْلٍ عن كلِّ يوم عمل.
وبالإضافة إلى الأجر قد يتلقَّى الأجيرُ العمولةَ، والمكافأة، وبعض الـمِنَح وزيادات غلاء المعيشة وغيرها. فالعمولة هي أجر يدفع للأجير في صورةٍ نسبيَّةٍ مئويَّةٍ من قيمة الصفقات الَّتي تتمّ بواسطته لمصلحة المؤسَّسة الَّتي يعمل فيها. أمَّا المكافأة فهي مبلغٌ من النقود يسدَّده رَبُّ العمل إلى بعض أُجرائِهِ تعبيرًا منه عن رضاه، تِبعًا لتصرُّفاتهم في العمل. كما وقد يُعطى الأجير بعض الـمِنَح، خصوصًا المنح ذات الطابع العائليّ، كالمنح المدرسيّة أو في حال الزواج والولادة مثلًا. كما يستفيد الأجير من زيادات غلاء المعيشة، بعد إقرارها فتصبح جزءًا من أجر الأجير.
كما للأجير حقّ الاستفادة من الضمان الاجتماعيّ. فعملًا بالمادَّة 7 من قانون الضمان الاجتماعيّ، يشتمل الضمان الاجتماعيّ على الفروع التالية: ضمان المرض والأمومة، ضمان طوارئ العمل والأمراض المهنيّة، نظام التعويضات العائليَّة، نظام تعويض نهاية الخدْمة.
لا بدّ من التنويه بأنّ مقدار تعويض نهاية الخدْمة، بحسب المادَّة 51 من قانون العمل، “يحدَّد استنادًا إلى عدد سنوات الاشتراك مضروبًا بأجر الشَّهر الأخير الَّذي تقاضاه المضمون قَبْل نشوء الحقّ في التعويض …”
لقد تكلّمنا على أبرز الحقوق الّتي تعود إلى الأجير، والنابعة من قانون العمل الَّذي يعمل في اتِّجاهٍ واحد، ألا وهو حماية الأجير. ولكنَّ العبرة تبقى دومًا في التطبيق، أي تطبيق قانون العمل، في كلّ مواده وتعديلاته. وبالتالي، على الأجير أن يكون دائمًا يقظًا وفَطِنًا عند إبرامه عقد العمل.
ميراي زغيب – إيماننا