شهد وادي القدّيسين أو ما يُعرف بوادي قديشا في السّنوات القليلة الماضية ولادة أحد الأباء القدّيسين النساك الذين ساروا على درب القداسة وتركوا نفحة عطرهم بين صخور الوادي.
تأثّر أنطونيوس شينا منذ نعومة أظافره بالقديس شربل وتعطّش إلى فلسفته الرّوحية. فقرّر أن يسير على دربه متمثّلاً بحياته التقية. التحق بالرهبانية المارونية، ودخل دير الإبتداء في كفيفان ليرتسم كاهنًا عام 1952 في كتدرائية ستراسبورغ.
أكمل دروسه اللاهوتية لينال عام 1957 دكتوراه في اللاهوت الأدبي. ما لبث ان انتُخب رئيسًا في دير مار أنطونيوس قزحيا، حتّى قرّر في الثلاثين من شهر أيار عام 1982 يوم العنصرة ان يتخلّى عن كلّ شيء ويسير في معارج وادي قاديشا ليغدو حبيس دير ما بولا، شفيعه.
عاش الأب أنطونيوس حياة نسكية أقيمت على التأمّل والصلاة والصوم والتقشّف. فبلغ فلسفةً روحية جعلته أقرب إلى أصالة اللاهوت المارونيّ وليتورجيته. بالرّغم من تقدّمه في السّن لم بفقد الأب شينا وعيه لا بل يقظته الروحية. بل ثابر على إرشاد مئات الأفراد الذين كانوا يقصدون محبسته في الوادي المقدّس لنيل بركته ونعمٍ خاصة سمح الرّب بأن ينالوها عن طريقه.
أمضى الأب القديس آخر أيام حياته النسكية في دير ما بولا بهدوءٍ وسكينةٍ إستثنائية. فأسلم الروح عام 2008 منتقلاً إلى بيت الآب السماويّ وحاملاً معه حياةً لطالما سعى البعض إلى التّمثل بها.
منذ العام 2008، أقام الأب أنطونيوس رزق في محبسة مار بولا خَلَفًا للأب الحبيس أنطونيوس شينا.
لجأ إلى تطبيق قانون الحبساء بحزم وصرامة، فامتنع عن استقبال الزوّار، كاتبًا على باب محبسته: “إلى الزوا الكرام، سلام الرّبّ معكم. خير الكلام ما قلّ ودلّ. يعني الحبيس ما بيقابل حدن. إن الحبيس الأب أنطونيوس رزق، في خلوة روحية دئمة مع الرّبّ من أجلكم. لذلك، إفرحوا بالرّبّ، وعودوا إلى منازلكم بسلام، وبحسب إمانكم يكون لكم”.
ام الله