كانت مريم، كسيحة لا تقوى على القيام او الجلوس ولا على الحركة، بسبب الإنحلال في ظهرها ما جعلها تتألّم كثبراً من ظهرها وخاصرتها حتّى قدميها. وكان لها من العمر اربعون عاماً، وعي متزوّجة من رجلٍ اسمه عسّاف وهما سوريّان من منطقة بلودان.
ذات يوم، في الثاني والعشرين من ايار سنة 1924، عزمت مريم ان تذهب الى دير القدّيسة تقلا في معلولا، وهي معروفة بعجائبها. فانطلقت برفقة زوجها اليه، ولمّا وصلا، نامت ليلة في الدّير، الا انّ اوجاعها زادت، فما عادت تستطيع تحمّل الألم.
فنهضت في الصّباح واشارت الى زوجها لينظر الى اعلى التّلّة، حيث تمثال سيّدة صيدنايا. وللحال طلبت ان يأخذها الى السيّدة العذراء، ففعل.
وفيما هم في منتصف الطّريق، انزها زوجها عن الدّابة ليسقي الحيوان ماءً، فقالت له : “ادفنّي هنا، فحياتي دنت نهايتها”.
الا انّ زوجها لم يسمع كلامها، فربطها الى ظهر الدابة من جديد، وسار بها. وما ان وصلوا مع اهلها الى بستان دير السّيّدة، شعرت بقوّةٍ رهيبةٍ في جسدها، فزال وجعها. وراحت تطلب منهم ان ينزلوها عن الدّابة ويتركوها تمشي. فلم يستمع احد لكلامها، ظنّاً منهم انّها تهذي.
امّا مريم، فحلّت رباطها ووضعت قدميها على الأرض، وما إن خط الخطوة الأولى حتّى لحقتها بالثانية والثالثة، حتّى انها رطضت، فذهل اهلها وزوجها لما رأوا. ولمّا وصلت باب الدير نشيطة، راحت تخبر المصلّين والراهبات ما حدث معها، فأقاموا الصلاة لأجلها، شاكرين العذراء على نعمها.
وقرعت الأجراس من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الغروب، فصار الناس يأتون أفواجاً أفواجاً ليروا الاعجوبة بأنفسهم، ولسماع حديثها.