في قريةٍ هادئة بقضاء جزّين، يعيش فيها الناس من مختلف الطوائف، حياة وئامٍ وتعاون، تقع كنيسة سيّدة بسري العجائبيّة.
“بسري” بالسّريانية “BISTRA” اي الثمر الفج او BETSERES اي هيكل الالهة “سرس” الهة الحنطة والقطاني، هي اهمّ قرى قضاء جزّين بسبب ثروتها المائيّة التي تسقي مختلف اراضي القضاء والجنوب، وترتفع عن سطح البحر 460 متراً.
تعرف كنيسة البلدة بإسم” سيّدة بسري العجائبيّة” ولهذه التّسمية قصّة فريدةٌ نرويها لكم كما وردتنا من كهنة المنطقة.
سنة 1252، لم تكن في المنطقة كنيسةٌ ولا رعيّة. كان سكّانها من الشّيعة والمسيحيين. وذات يوم، عند علّيقة القرية، حيث شيّدت الكنيسة، كان شيخٌ شيعيّ يجلس ويعمل الحرفة، فظهرت له السّيدة العذراء وطلبت منه ان يطلب من مسيحيي المنطقة بناء كنيسةٍ لها عند العليّة، واختفت.
لم يأخذ الشيخ الظهور على محمل الجدّ، ولم يخبر احداً به.
وبعد اسبوعين، فيما كان يتناول طعام الغداء في بيته، ظهرت له العذراء من جديد، وسألته: ” الم أطلب منك ان توصل رغبتي ببناء كنيسة عند العليّقة؟” واختفت العذراء من جديد.
كان سؤالها بمثابةٍ تأنيبٍ على قلّة ايمانه، ولمّا اختفت فقد الشّيخ البصر، فما عاد يستطيع ان يرى شيئاً.
عندها، خرج بصعوبةٍ من بيته وراح يصرخ بأعلى صوته : “العدرا بدّا نعمّرلها كنيسة” حتّى وصل صوته الى البيوت المجاورة. بعد ان صرخ بكلّ قوّته، عاد اليه نظره.
ولمّا عرف اهالي القرية بالخبر، سارعوا الى بناء الكنيسة، وكان هذا الشّيخ الشّيعيّ اوّل المباشرين بالعمل.
وسط برج بسري الخصب، وعند العلّيقة شيّدت كنيسة السّيّدة سنة 1252، كما نرى في الكتابة السّريانيّة فوق مدخلها، واعيد ترميمها سنة 1756 في عهد البطريرك سمعان عواد.
يتميّز سقف الكنيسة بأنّه على شكلِ عقدٍ مصلّب، بارتفاع 7.5 امتار، وبطول 11 متراً.
وعلى اثر العجائب الكثيرة التي اجرتها السيّدة العذراء في الكنيسة، أطلق عليها تسمية، سيّدة بسري العجائبيّة، وهي ما تزال حتّى اليوم، مقصداً لكثير من الحجّاج الطالبين لشفاعة والدة الإله.